ضحايا الكحوليات المغشوشة ترتفع.. والأطباء يحذرون

بينما كان أبو حمد يتابع بياناً صحافياً لوكيل وزارة الصحة عن آخر الأرقام المتعلقة بجائحة كورونا، صدم بصراخ زوجته التي تفاجأت بابنهما ممدداً على الأرض، مغشياً عليه. مضى الوقت ثقيلاً حتى وصلت سيارة الإسعاف ونقل ابنهما المراهق إلى قسم الطوارئ في المستشفى، لتكون الصدمة أكبر عند «أبو حمد» عندما أخبره الطبيب بأن ابنه يعاني من حالة تسمم بسبب تناوله مشروبات مغشوشة تحتوي مواد كحولية بنسب تتجاوز المسموح به.

ما حدث مع «أبو حمد» تكرر كثيراً خلال الفترة الماضية، فقد أفرزت جائحة كورونا عدداً من الظواهر السلبية في أغلب دول العالم، كان أبرزها إقبال المراهقين على تناول المشروبات الكحولية «المغشوشة» التي تحتوي مركب «الميثانول»، الذي يسبب اصابات خطيرة لمن يتناوله تصل إلى حد الوفاة، اضافة الى الاعباء التي يتسبب فيها للمنظومة الصحية من خلال إشغال الأسرّة في المستشفيات العامة لمدد طويلة، بالتزامن مع وجود مرضى بحاجة إلى سرير شاغر. ويعد الميثانول مادة سامة للجهاز العصبي، ويؤدي التسمم الشديد به الى الإصابة بالعمى والفشل الكلوي وحتى الوفاة، ووجد في بعض المشروبات الكحولية المغشوشة التي تم ضبطها بنسب أكبر بـ 400 مرة من النسب المسموح بها للميثانول. وبحسب أطباء فإن عدد من يتناولون هذه المشروبات المغشوشة زاد خلال جائحة كورونا، وأبرز أعراض الحالات التي تصل لأقسام الطوارئ بالمستشفيات، الغثيان والقيء والصداع وعدم وضوح الرؤية والعمى الدائم والنوبات والغيبوبة والتلف الدائم للجهاز العصبي أو الوفاة في بعض الحالات، مشيرين الى أن أكثر المصابين بين 20 و30 عاماً.

مشاكل مزمنة

والأرقام المتداولة لحالات التسمم بسبب المشروبات المغشوشة تقرع أجراس الخطر إزاء ظاهرة باتت تهدد حياة العديد من الشباب في مقتبل العمر. فمستشفى العدان يستقبل نحو 6 حالات مصابة شهرياً، تعاني عدم وضوح الرؤية بجانب مشاكل بالكلى، وهذا ما أكده لـ القبس مسؤول صحي ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ لافتاً إلى أن تلك الأعداد تزايدت بشكل واضح خلال أزمة كورونا، وهو ما يتطلب حملات توعية لمواجهة مخاطر تناول هذه المشروبات.

وأصاب الحزن عائلات كثيرة مؤخرا، بسبب إصابة بعض أولادها بفشل كلوي استدعى إجراء عمليات غسل اسبوعيا طوال حياتهم.

ففي مستشفى الجهراء، تحدث مسؤول صحي عن وصول 7 اشخاص بوقت متقارب الى المستشفى العام الماضي، حيث كانوا صغار السن ويعانون من أعراض متشابهة، كالغثيان وعدم وضوح الرؤية والعمى، مشيراً الى انهم كانوا في جلسة واحدة وتناولوا تلك السموم، حيث سرعان ما تدهورت أوضاعهم الصحية نتيجة المشروبات المغشوشة.

ولفت الى ان احدهم توفي نتيجة المضاعفات، فيما عانى الآخرون من مشاكل صحية متفرقة وصلت لإصابة بعضهم بالعمى الدائم والفشل الكلوي، موضحا ان تلك الحادثة تزامنت مع وجود ضغط على المنظومة الصحية، نتيجة استمرار تداعيات ازمة كورونا آنذاك، وحاجة بعض مرضى «كوفيد 19» للأسرّة بالاجنحة والعناية المركزة.

عامل الوقت

ويبدو أن الفراغ هو كلمة السر في الاقبال على تناول المشروبات المغشوشة، فقد قال المسؤول إن أوقات الفراغ التي عانى منها الكثير خلال جائحة كورونا تسببت في خلق عدد من المشاكل والظواهر السلبية في اغلب دول العالم، فضلا عن غياب الوازع الديني لدى بعض الاشخاص، علاوة على وجود ضعاف نفوس استغلوا تلك العوامل لبيع سمومهم بأسعار زهيدة نتيجة خلطهم لمواد خطرة على صحة الانسان، لافتاً الى تفاوت عدد الحالات التي تستقبلها المستشفيات شهرياً.

ويعد عامل الوقت أمراً مهماً جداً بالنسبة لتحديد نتائج تناول تلك المشروبات بجسم المريض، حيث ان تسمم الميثانول احيانا قد يكون مميتًا، خاصةً إذا لم تقدم الإسعافات الأولية في التوقيت المناسب للحالة.

زيادة المصابين

وما يحدث في مستشفى العدان ومستشفى الجهراء، يتكرر في مستشفى مبارك، فها هي رئيسة قسم الباطنية د.ماجدة الصالح تكشف لـ القبس أنه لوحظ أخيرا زيادة واضحة للمصابين بتسمم الكحول الميثانولي، يتعرضون بسببه لغيبوبة أو آلام بالبطن مع القيء، ويحتاج الكثير منهم دخول العناية المركزة والغسيل الكلوي، والمحزن أن بعضهم يتوفى وآخرين يصابون بالعمى أو الفشل الكلوي أو النزيف بالدماغ. والصدمة في الرقم الذي ذكره استشاري الجراحة العامة والمناظير والسمنة د.هيثم الخياط، عبر حسابه في تويتر، حيث دخل اكثر من 15 شخصا بحالة تسمم بالميثانول «الخمر المغشوش» الى مستشفى مبارك منذ مطلع الشهر الجاري، مشدداً على اهمية وجود حملة من وزارة الصحة للتوعية بمخاطر هذا السلوك، لا سيما على العين والمخ وأيضا حياة الشخص.

4 أعراض خطيرة

1 – الدوخة والصداع والغثيان

2 – القيء وآلام العضلات والمفاصل وآلام البطن

3 – صعوبة التنفس أو انقطاعه

4 – عدم وضوح الرؤية ويجب التعامل معها بسرعة لمنع تدهور الحالة

4 آثار جانبية للتسمُّم الميثانولي

1 – تشنجات وغيبوبة

2 – الاضطراب البصري الذي قد يتراوح ما بين ضعف مؤقت وبسيط بالرؤية وحالة العمى التام

3 – جفاف الشعر وتشقق في فروة الرأس

4 – تليف الكبد والفشل الكلوي

«الميثانول» مركب سريع الامتصاص

«الميثانول» عبارة عن مركب هيدروكربوني يتألف من الكربون والهيدروجين والأكسجين وهو سريع الامتصاص من الجهاز الهضمي، حيث يصل إلى أعلى معدل له في الدم بعد نصف ساعة، ويعتمد ذلك على وجود الطعام في المعدة من عدمه، ويحدث التسمم عادة في فترة تتراوح من 6 ساعات إلى 3 أيام، وخلال هذه الفترة قد لا يشتكي الشخص من أي أعراض سمية، وترجع النسبة الأكبر من حالات التسمم بالميثانول إلى تعاطيه كبديل للمشروبات الكحولية من قِبَل المدمنين، أو حتى من خلال استهلاك خمور جرى غشها بإضافة الميثانول لها.

أين الحملات التوعوية؟

إن وجود حملات توعوية تتبناها وزارة الصحة لتسليط الضوء على مخاطر التسمم الميثانولي، وظاهرة تناول الخمور عموماً، أمر في غاية الأهمية بحسب ما أكده مسؤولون صحيون، لا سيما مع تزايد الحالات خلال ازمة كوفيد 19، وهو الامر الذي يكلف المنظومة الصحية الكثير، خاصة فيما يتعلق بتوفير الرعاية الطبية للمصابين لفترة طويلة، فضلا عن إشغال الأسرّة بالمستشفيات العامة.