بات على اللبنانيين الاختيارُ بين أن يعودوا شعباً مُحبَّاً للحرية، عاملاً من أجلها، ويعيدوا بلدهم أيقونة لرغد العيش، والانفتاح، والثقافة، والرُّقي، أو أن يستمروا بقبول الخنوع لعصابة فتنوية، دمَّرت وطنهم، الذي لا ملجأ لهم غيره، حين جعلته مصنع مخدرات، ومنصة لتهريبها إلى الدول العربية، ومغارة “علي بابا” لنهب ودائع الناس، لبنانيين وعرباً، الذين اختاروا مصارفه لإيداع أموالهم، يوم كان يتمتع بسرية مصرفية، توازي سويسرا، ومصدر أمان لهم.
على اللبنانيين -الذين ارتضوا أن تتحوَّل منصات في إعلامهم، المُتلفز والمقروء والإلكتروني، المدعومة إيرانياً، بؤرة شتم لدول الخليج العربية وشعوبها- أن يتحرَّروا من ربقة الاستعباد التي يُمارسها الفاجرون بينهم، الذين يصفون السعودية والكويت والإمارات بالبداوة، والتخلُّف، ودول الزجاج، من خلال الحملة الشعواء التي تشنُّها منابر “حزب الله” ومَنْ يدورون في فلكه.
لا شكَّ أنَّ تلك الشتائم لن تُغيِّر من حقيقة أن كميات المخدرات المصادرة خليجياً، وليس سعودياً فقط، تكفي لتدمير 400 مليون عربي، ولم يعد مقبولاً التغطي بالحُجج الواهية، فإما أن تكون الأجهزة الأمنية اللبنانية قادرة على ضبط الحدود ووقف التهريب، ولا تأتمر بأمر عصابة أسير الجحور حسن نصرالله، وإلا فإن لبنان ذاهبٌ إلى العزلة الدولية، بعدما بدأت دول الاتحاد الأوروبي تعاني من غزو مخدرات ذلك الحزب لبلدانها، وربما على اللبنانيين أن يعتبروا مما تعيشه إيران، منبوذة عاجزة، نتيجة لسياسة طغاة الشرِّ المسكونين بأوهام العصور الوسطى الظلامية.
تلك الأوهام التي تسير “حزب الشيطان” هي من سوَّغت له تصنيع المخدرات وتهريبها؛ لأنه يراها سلاحاً من أسلحته، وهو لا يُخفي ذلك، بل يُفاخر به، وقد أعلنها أحد رجال الدين القياديين في العصابة تلك، وبكلِّ وقاحة، عبر وسائل إعلام عدة بقوله: “إن التهريب واجبٌ مقدسٌ فهو يخدم المقاومة”، فبئست المُقاومة التي تقوم على تخدير الشعوب وقتلها ببطء.
لكلِّ هذه الأسباب لم يكن في الموقف السعودي، والخليجي عموماً، أي تجنٍّ على لبنان واللبنانيين، فحماية الشعوب من الجرائم ضد الإنسانية واجبٌ على قادة الدول، وهل هناك جريمة ضد الإنسانية أفظع من تدمير الأجيال بإدمان المخدرات؟
هذا اللبنان الذي كان مستشفى الشرق الأوسط، هاهو اليوم يئنُّ من اهتراء نظامه الصحي، فيما تحوَّلت مدارسُهُ وجامعاتُهُ حاضناتٍ للتطرُّف والتمذهب والتطييف، بعدما كانت منارة علم وتنوير، وباتت نسبة الأمية فيه 25 في المئة، بعدما كانت، قبل أن تستولي عصابة الإفك والتجهيل، أقل من 3.5 في المئة، وفيما كان لبنان المكان المُفضَّل للسياح الخليجيين والعرب والأوروبيين، هاهو اليوم يفرُّ منه العرب والخليجيون والأجانب.
حيال هذا الوضع، لم يعد أمام اللبنانيين إلا الثورة على هذه المافيا الميليشياوية؛ للخلاص من مُعاناتهم، أما إذا استمروا على استسلامهم هذا، فهم يقتلون مستقبلهم، ويهدمون وطنهم، ولن يجدوا مَنْ يُغيثهم حين تقع الواقعة، فمُهرِّب المُخدرات المُتلطي خلف عباءة الدين والمُقاومة لا يعنيه إلا خدمة مُشغِّله الإيراني.