تتواصل المفاوضـــات والضغـــوط الديبلوماسية للتوصل إلى هدنة جديدة بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة، فيما يواجه نحو مليون ونصف المليون من المدنيين خطر تنفيذ هجوم على مدينة رفح التي تشكل ملاذهم الأخير مع ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب. ويجري وفد من «حماس»، برئاسة مسؤول المكتب السياسي للحركة خليل الحية، مباحثات مع رئيسي الاستخبارات المصرية والقطرية حول الهدنة المرتقبة، حسبما أفاد مصدر مسؤول لوكالة «فرانس برس».
يأتي ذلك بعد مغادرة وفد استخباراتي اسرائيلي للقاهرة، عقب اجرائه محادثات مماثلة حول الهدنة ذاتها، مع كل من: مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ومسؤولين مصريين.
واتسمت أجواء هذه المباحثات بـ «الإيجابية»، بحسب مسؤول مصري رفيع المستوى، أكد في الوقت ذاته أن المفاوضات حول الهدنة الجديدة «ستستمر خلال الأيام المقبلة».
وقال مسؤول في «حماس» لوكالة «فرانس برس» ـ طالبا عدم نشر اسمه ـ إن الحركة «منفتحة على فكرة مناقشة أي مبادرة لوقف العدوان والحرب». وأضاف أن «حماس وبقية الفصائل الفلسطينية تنتظر النتائج النهائية لمحادثات القاهرة».
وفي السياق، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من واشنطن «نعمل بشكل مكثف مع مصر وقطر بشأن مقترح للإفراج عن الرهائن»، فيما حضت الصين إسرائيل على وقف عمليتها العسكرية في رفح «في أقرب وقت ممكن»، محذرة من «كارثة إنسانية» في حال تواصل القتال.
بدوره، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس حركة «حماس» إلى أن تنجز بسرعة صفقة تبادل في قطاع غزة، لتجنب «كارثة أخرى».
ونقلت وكالة الانباء الفلسطينية الرسمية (وفا) عن عباس قوله «نطالب حركة حماس بسرعة إنجاز صفقة الأسرى، لتجنيب شعبنا الفلسطيني ويلات وقوع كارثة أخرى لا تحمد عقباها، ولا تقل خطورة عن نكبة عام 1948، ولتجنب هجوم الاحتلال على مدينة رفح الأمر الذي سيؤدي إلى وقوع آلاف الضحايا والمعاناة والتشرد لأبناء شعبنا».
وفي هذه الأثناء، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن إسرائيل ستقترح إنشاء 15 مخيما يضم كلا منها 25 ألف خيمة في جنوب غرب غزة، كجزء من خطة إخلاء المدنيين بالقطاع.
من جهته، حذر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث من أن العمليات العسكرية الإسرائيلية المحتملة في رفح «يمكن أن تؤدي إلى مجزرة في غزة»، داعيا إسرائيل إلى عدم «الاستمرار في تجاهل» نداءات المجتمع الدولي.
وأشار إلى تحذيرات المجتمع الدولي من العواقب الخطيرة للغزو البري لمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، قائلا إنه لا يمكن أن تستمر الحكومة الإسرائيلية في تجاهل هذه الدعوات. وتابع موضحا أن الناس في رفح وبقية أنحاء غزة ليسوا سوى ضحايا لاعتداء لا مثيل له في شدته ووحشيته ونطاقه.
وفي معرض تأكيده على أن العاملين الإنسانيين يبذلون ما يبدو مستحيلا لأكثر من 4 أشهر لمساعدة المحتاجين، حذر «أننا نفتقر إلى ضمانات السلامة، وإمدادات الإغاثة وقدرة العاملين التي تبقى هذه العملية قائمة».
وفي اليوم الـ 131 من الحرب، طردت قوات الاحتلال الإسرائيلي آلاف النازحين من مستشفى ناصر المحاصر بمدينة خان يونس، ونفذت قصفا مكثفا على مناطق بوسط وجنوبي غزة مما أسفر عن شهداء وجرحى، بعد أن ارتكبت 11 مجزرة جديدة خلال 24 ساعة، بينما واصلت المقاومة الفلسطينية الاشتباك مع الجيش الإسرائيلي في عدة محاور بالقطاع.
من جانبها، أفادت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» بأن 104 أشخاص على الأقل لقوا حتفهم في غارات إسرائيلية جديدة على رفح، معظمهم من النساء والأطفال.
واعلنت الوزارة ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي والعمليات البرية في القطاع إلى 28576 قتيلا، بينما بلغ عدد الجرحى 68291 منذ بدء الحرب.
في الغضون، طلبت إسبانيا وإيرلندا من بروكسل التحقيق «بشكل عاجل» من احترام إسرائيل لحقوق الإنسان في غزة، وفق ما أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عبر منصة «إكس».
وقال رئيس الوزراء الاشتراكي أمس «نظرا إلى الوضع الحرج في رفح»، أرسلت الحكومتان الإسبانية والإيرلندية رسالة إلى المفوضية الأوروبية تطلبان فيها منها إجراء تحقيق «عاجل فيما إذا كانت إسرائيل تفي بالتزاماتها احترام حقوق الإنسان في غزة».
إلى ذلك، توجه نحو مئة من أقارب الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة إلى لاهاي لتقديم شكوى ضد حركة «حماس» أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب «جرائم ضد الإنسانية»، حسبما أعلن ممثلون عنهم.