الرئيسية / اقتصاد / «موديز»: 4.4 مليار دينار احتياجات الكويت التمويلية سنوياً… حتى 2025

«موديز»: 4.4 مليار دينار احتياجات الكويت التمويلية سنوياً… حتى 2025

ذكرت وكالة موديز لخدمات التصنيف أن ارتفاع أسعار وإنتاج النفط يوفر دفعة دورية للماليات الحكومية والميزانيات العمومية لمنتجي النفط على مستوى العالم.

ومع ذلك، ترى الوكالة أنه بالنسبة للكويت فإن المأزق السياسي المستمر يعرقل الإصلاحات، ويمنع تمرير التشريعات الرئيسية، ويؤدي بالتالي إلى مخاطر سيولة ويعرّض الحكومة لتحديات ائتمانية طويلة الأجل ناجمة عن تحول الكربون، رغم ميزانيتها العمومية القوية للغاية.

وتوقعت أن تستمر الكويت في تسجيل عجز مالي يبلغ نحو 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2022 (المنتهية في مارس 2023) حتى مع ارتفاع أسعار النفط، والإلغاء التدريجي لخفض إنتاج النفط الناجم عن فيروس كورونا، مضيفة أن العجز سيتسع إلى متوسط 8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي خلال السنوات المالية 2023 و2025، بمجرد أن تبدأ أسعار النفط في الانخفاض على مدار النطاق الذي حدّدته الوكالة على المدى المتوسط.

وهذا يعني أن متوسط متطلبات التمويل يبلغ نحو 4.4 مليار دينار سنوياً على مدار الفترة الممتدة من 2022 إلى 2025، والذي يستثني 3.5 مليار، من سداد الديون الدولية المستحقة في مارس 2022.

ولا تتضمن افتراضات «موديز» أي إجراءات جديدة لزيادة الإيرادات أو تخفيضات الإنفاق نظراً إلى السجل الضعيف في إجراء تعديلات مالية.

مصدر وحيد وبالنسبة لخيارات التمويل الحكومية وآفاق التشريعات الجديدة لتوسيع مصادر التمويل، ترى الوكالة أنه في حالة عدم وجود قوانين جديدة تسمح للحكومة بإصدار ديون أو تلقي مساهمات في الميزانية من صندوق الأجيال القادمة، سيظل صندوق الاحتياطي العام المصدر الوحيد للتمويل.

ورغم تآكل الموارد السائلة لصندوق الاحتياطي العام، تعتقد «موديز» أن هناك ما يكفي من الأصول غير السائلة والرغبة من جانب الهيئة العامة للاستثمار التي تدير كلا الصندوقين، لتسييل هذه الأصول لتلبية احتياجات التمويل الحكومية، مشيرة إلى أن ذلك سيستمر في الحدوث حتى يوافق مجلس الأمة على قانون دين جديد أو قانون مساهمة صندوق الأجيال القادمة أو كليهما.

ولا ترى «موديز» أي عوائق قانونية أو سياسية تحول دون تسييل أصول صندوق الاحتياطي العام غير السائلة، كما حدث سابقاً. ومع ذلك، نظراً لعدم الإفصاح عن مثل هذه المعاملات، لن يتضح تسييل الأموال إلا عندما تفي الحكومة بالتزامات الإنفاق والسداد عند استحقاقها.

الأعلى خليجياً

لكن كيف يؤثر مركز صافي الأصول السيادية الكبير للغاية على الملف الائتماني للكويت؟

في هذا الخصوص، تقول الوكالة في تقريرها: «نقدر أن أصول صناديق الثروة السيادية السائلة التي تديرها الهيئة العامة للاستثمار (في صندوق الأجيال القادمة وصندوق الاحتياطي العام) تبلغ أكثر من 250 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (أو 29 ضعف الدين الحكومي). وهذه النسبة الأعلى خليجياً، وبين الدول السيادية التي تصنفها الوكالة».

ولفتت الوكالة إلى أن «هذا يدعم القوة المالية للحكومة والوضع الائتماني، ويحافظ على استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار الخارجي.

ومع ذلك، فإن مركز صافي الأصول الكبير لا يخفف من تحديات السيولة التي تواجهها الحكومة، فحتى الأصول غير السائلة لصندوق الاحتياطي العام سيتم استنزافها في نهاية المطاف مع عجز مالي واسع على مدى سنوات متتالية».

علاوة على ذلك، فإنه دون إصلاحات مالية واقتصادية، سيتدهور صافي الأصول الكويتية نهاية المطاف، لا سيما بسبب تعرض البلاد لمخاطر تحوّل دول العالم بعيداً عن الهيدروكربونات.

وفي حين أن القوة المالية للكويت ستظل قوية على الأرجح في سيناريو التحوّل الأكثر تدريجياً بسبب نقطة البداية القوية للغاية، فإن المخاطر تميل نحو الجانب السلبي مع الزخم المتزايد في تحوّل الكربون.

الماليات العامة

من ناحية أخرى، تحسّنت الماليات العامة للكويت في 2021 بعد أن تدهورت بشكل حاد في 2020 بسبب الانخفاض الكبير في أسعار النفط وتراجع إنتاج النفط الناجم عن جائحة كورونا.

وتتوقع الوكالة أن يتقلص العجز المالي بشكل كبير إلى نحو 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2021 (السنة المنتهية في مارس 2022) من نحو 30 في المئة في السنة المالية 2020 بسبب التعافي السريع في أسعار النفط منذ بداية 2021.

وبالنسبة للسنة المالية 2022، أوضحت أن الزيادة الإضافية في أسعار النفط والارتفاع التدريجي في إنتاج النفط بموجب اتفاقية «أوبك+» بزيادة نحو 4 في المئة على أساس سنوي للكويت، ستؤدي إلى تقليص فجوة عجز المالية العامة لنحو 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ومع ذلك، رجّحت «موديز» أن يتسع العجز المالي في الكويت مرة أخرى إلى 6-7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 و2024 مع انخفاض أسعار النفط، حتى مع استمرار إنتاج النفط في الارتفاع بشكل طفيف بعد عودة الإنتاج إلى طبيعته بالكامل، بما يتوافق مع المدى المتوسط.

طاقة إنتاجية

وبغض النظر عن قيود «أوبك+»، ذكرت الوكالة أن هناك مجالاً محدوداً للكويت لزيادة الإنتاج بشكل كبير نظراً لقيود الميزانية على الإنفاق الرأسمالي، والتحديات الفنية المتعلقة بتطوير حقل برقان والحقول الجوراسية النفطية، موضحة أن الطاقة الإنتاجية الحالية للبلاد تبلغ نحو 3.2 مليون برميل يومياً (مليون برميل في اليوم)، مقارنة بـ2.7 مليون برميل يرجح إنتاجها يومياً في السنة المالية 2022.

ومقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، التي عاد بعضها أو سيعود إلى الفوائض المالية خلال الفترة 2021-2022، سيكون المركز المالي للكويت حسب «موديز» بين الأضعف، فيما تستبعد الوكالة حدوث إصلاحات مالية كبيرة من شأنها أن تقلل فعلياً الإنفاق أو تزيد الإيرادات غير النفطية.

وأشار التقرير إلى أن الإنفاق الحكومي، على وجه الخصوص، صارم للغاية بمعنى أنه لا يتسم بالمرونة، حيث تمثل الأجور والإعانات نحو 3 أرباع الإنفاق الحكومي، متوقعاً أن يؤدي نمو عدد موظفي القطاع العام بسبب التركيبة السكانية الشابة ودورات الترقية التلقائية إلى زيادة فاتورة الأجور دون اتخاذ تدابير تشريعية للسيطرة عليها، فيما من المقرر أن يرتفع الإنفاق الحكومي على الرواتب في السنة المالية 2022.

خفض الدعوم

وأشارت إلى أنه ورغم أن الحكومة تهدف إلى خفض الدعوم بشكل عام بنسبة تقل قليلاً عن نقطة مئوية واحدة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2022، والتي تتراوح ما بين سكن وغذاء إلى دعوم تتعلق بالطاقة، إلا أن هناك نطاقاً محدوداً لإجراء تخفيضات أعمق بالنظر إلى العقد الاجتماعي الضمني للحكومات في دول الخليج لتوفير فرص عمل لمواطنيها والرفاه، والعقبات السياسية على الصعيد المحلي.

ولفتت الوكالة إلى أن متطلبات التمويل في الكويت ودول الخليج للعام المالي 2022 لا تزال كبيرة نسبياً، رغم احتياجات سداد الديون المنخفضة للغاية.

من جهة أخرى، ذكر التقرير أن الكويت كافحت لتنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية لتعزيز التنويع الاقتصادي منذ صدمة أسعار النفط في 2015، والسبب الرئيسي لذلك العلاقة المتوترة بين الحكومة ومجلس الأمة.

وأضافت «موديز»، أنه على وجه الخصوص، استمرت الإصلاحات المالية المخططة لتوسيع الإيرادات غير النفطية وخفض الإنفاق في مواجهة مقاومة من مجلس الأمة. وتضمنت الإصلاحات المقترحة خفض فاتورة أجور القطاع العام، وتوسيع ضريبة دخل الشركات لتشمل الشركات المحلية، إضافة إلى إدخال ضرائب القيمة المضافة والضرائب الانتقائية.

وفي الآونة الأخيرة، امتد المأزق البرلماني ليشمل قضايا التمويل، حيث يثير التأخير في الموافقة على قانون الدّين العام الجديد والاستفادة من أصول صندوق الأجيال القادمة (وإن كان ذلك يخضع لقيود وموافقة وزير المالية) تحديات سيولة للحكومة.

نطاق الإصلاح محلياً لم يرق لمستوى أسواق الجوار

أفادت «موديز» بأنه بين دول الخليج، تعتبر الكويت الوحيدة التي لم تفرض ضرائب انتقائية حتى الآن، وتنضم إليها قطر في عدم تطبيق ضريبة القيمة المضافة، رغم أن قطر في وضع مالي أقوى بكثير وماضية في تخفيض فعال للنفقات.

وفي ما يتعلق بإصلاحات الدعوم، التي تمثل نحو خمس الإنفاق الحكومي، نوهت «موديز» إلى أن الكويت أحرزت أيضاً تقدماً جزئياً فقط، موضحة أنه في حين نفذت الحكومة زيادة جزئية في أسعار النفط في 2016، فإن نطاق الإصلاح لم يرق إلى مستوى الإصلاحات في مؤشر الأسواق التي جرت في دول مجاورة مثل الإمارات.

وأشارت إلى أن الدعوم غير المتعلقة بالطاقة والتي تشمل مجموعة خدمات واسعة مثل الرعاية الصحية والتعليم في الخارج، ظلت دون تغيير إلى حد كبير.

وتابعت «بالنظر إلى سجل الحكومة الضعيف في تنفيذ التعديلات المالية، ليس مفترضاً إجراء أي تدابير كبيرة لزيادة الإيرادات أو تخفيضات في الإنفاق في السنة المالية المقبلة، أما المخاطر فهي أن تتأخر الإصلاحات المالية أكثر بسبب ارتفاع أسعار النفط».

 

عن فريق التحرير