رجحت استطلاعات آراء المقترعين عقب انتهاء التصويت وإغلاق مراكز الاقتراع في بريطانيا أن يفوز حزب العمال المعارض بأغلبية مطلقة في مجلس العموم بما يأهله لتشكيل الحكومة والعودة إلى “دوانينغ ستريت” للمرة الأولى منذ 14 عاماً.
ووفقاً لهذه النتائج غير الرسمية التي نشرتها قنوات التلفزة البريطانية، سيحصل حزب العمّال (يسار وسط) على 410 من أصل 650 مقعداً في مجلس العموم، متقدماً بفارق شاسع على المحافظين الذين ستنحصر حصتهم بـ131 مقعداً في أسوأ نتيجة انتخابية لهم منذ مطلع القرن العشرين.
وقالت وسائل إعلام محلية ان عدد النواب المحافظين في البرلمان سيكون الأدنى منذ عام 1830م.
وبحسب استطلاعات آراء المقترعين، سيحل حزب الديموقراطيين الليبراليين (وسط) في المركز الثالث بـ 61 مقعدا، كما يتوقع ان يحصل حزب الإصلاح القومي البريطاني على 13 مقعدا، وأن ينخفض عدد مقاعد الحزب الوطني الاسكتلندي إلى 10. كذلك توقعت الاستطلاعات ذاتها ان يضاعف حزب الخضر في انجلترا وويلز عدد مقاعده في البرلمان الجديد إلى اثنين، وان يحصل حزب القوميين الويلزيين على 4 مقاعد، فيما ستحصل الاحزاب الاخرى على 19 مقعداً، وفق ما أوردت هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” على موقعها الالكتروني.
وسارع زعيم حزب العمال إلى منصة “إكس” لشكر ناخبيه، وكتب على منصة التواصل الاجتماعي “إلى جميع أولئك الذين قاموا بحملات لصالح حزب العمال في هذه الانتخابات، إلى جميع أولئك الذين صوتوا لنا والذين وثقوا بحزب العمال الجديد، شكراً لكم”.
وسيتبوّأ هذا المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان منصب رئاسة الوزراء بعد تسع سنوات فقط من دخوله عالم السياسة وأربع سنوات من توليه منصب زعيم حزب العمال .
وبحسب استطلاعات آراء المقترعين عقب انتهاء التصويت، سيحصل حزب الديموقراطيين الليبراليين (وسط) على 61 مقعدا في البرلمان الجديد.
من جهته، قال حزب “المحافظين” إنه يجب انتظار النتائج النهائية الرسمية للانتخابات التشريعية، مضيفا:” سننتظر تشكيل الحكومة التي اختارها الشعب”، بحسب ما أوردت قناة “العربية” الفضائية نقلا عن وسائل إعلام بريطانية.
وفي الوقت ذاته، أعرب ميل سترايد وزير النقل والمعاشات في حكومة المحافظين الحالية برئاسة ريشي سوناك، عن آسفه لتوقع استطلاعات آراء المقترعين خسارة حزبه، وقال لـ”بي.بي.سي” إن :” حزب المحافظين يمر بلحظة صعبة للغاية”، داعيا الى “انتظار النتائج” النهائية.
وقد أدلى ملايين الناخبين البريطانيين بأصواتهم عبر نحو 40 ألف مركز انتخابي لاختيار ممثليهم في مجلس العموم (الغرفة السفلى للبرلمان) لشغل مقاعد المجلس وعددها 650 مقعدا.
ويتم انتخاب كل نائب بالنظام الفردي، ما يعطي الأفضلية للأحزاب الرئيسية. وللحصول على الأغلبية البرلمانية و تشكيل الحكومة، يحتاج اي حزب الفوز ب326 مقعدا على الأقل.
وعشية الانتخابات التشريعية، حظي حزب العمال بدعم صحيفة «ذي صن» غير المسبوق منذ عهد توني بلير.
وبعد صحيفة «فايننشال تايمز»، ومجلة «ذي إيكونوميست»، دعت «ذي صن» قبل الانتخابات إلى التصويت لحزب العمال بزعامة كير ستارمر.
وكتبت الصحيفة المملوكة لأسرة الملياردير الأسترالي الأميركي روبرت مردوخ «حان وقت التغيير، حان وقت حزب العمال».
ويتوقع أن يكلف الملك تشالز الثالث كير ستارمر زعيم حزب العمّال والمحامي السابق البالغ 61 عاماً، بتشكيل حكومة بعدما أعاد حزبه إلى يسار الوسط وتعهّد بإعادة “الجدية” إلى السلطة.
وستارمر محام سابق مدافع عن حقوق الانسان، شغل منصب المدعي العام قبل أن ينتخب نائبا قبل تسع سنوات.
وفي مواجهة الأخطاء التي راكمها سوناك المصرفي الاستثماري ووزير المال السابق، سلط كير ستارمر الضوء على أصوله المتواضعة، أي والدته الممرضة ووالده العامل اليدوي، ما يتناقض مع خصمه المليونير. ولتجنب هجمات اليمين وتبديد وقع برنامج سلفه جيريمي كوربن الباهظ التكلفة، تعهد بإدارة صارمة للغاية للإنفاق العام، من دون زيادة الضرائب.
ومع أن حذره دفع البعض إلى القول إنه قليل الطموح، إلا أنه سمح لحزب العمال بالحصول على دعم في أوساط الأعمال وفي الصحافة اليمينية.
وقبل فتح صناديق الاقتراع، قال ستارمر الذي دخل عالم السياسة قبل تسعة أعوام فقط، “يمكن للمملكة المتحدة أن تفتح فصلاً جديداً. حقبة جديدة من الأمل والفرص بعد 14 عاماً من الفوضى والانحدار”.
وأدلى ستارمر بصوته في شمال لندن برفقة زوجته فيكتوريا. كذلك أدلى رئيس الوزراء ريشي سوناك بصوته في دائرته الانتخابية في شمال إنجلترا، مع زوجته أكشاتا مورتي.
وأثار تتالي الأزمات منذ العام 2010، من الانقسامات الناجمة عن «البريكست» إلى إدارة «جائحة كوفيد» الفوضوية، والارتفاع الكبير في الأسعار، ومستويات الفقر العالية، والنظام الصحي العام المتهالك، والتغيير المستمر لرؤساء الحكومة، تطلعا كبيرا إلى التغيير دفع «المحافظين» في الأيام الأخيرة إلى الإقرار بأنهم لا يسعون إلى الفوز بل إلى الحد من الخسائر وتقليص الغالبية التي كان يتوقع أن يحققها حزب العمال.
وأثار حزب المحافظين استياء البريطانيين بعد ترؤس خمسة من زعمائه الحكومة في البلاد خلال 14 عاما، مما جعل الناخبين يتطلعون إلى التغيير بسبب سياسات التقشف وأزمة تكاليف المعيشة، ونظام الصحة العامة المتهالك.
وأقرّ رئيس الوزراء ريشي سوناك في اخر تجمع انتخابي ان “الهدف هو منع حزب العمّال من تحقيق غالبية ساحقة”.