الرئيسية / كتاب وآراء / صخرة فرويد و موسيقى أفلاطون .. بقلم/ هاجر السليم

صخرة فرويد و موسيقى أفلاطون .. بقلم/ هاجر السليم

من المعروف بيولوجيا و فسيولوجيا – ما سجلته الوكيبيديا – أنه ليس من هو ذكر خالص مائه في المائة، ومن هي أنثى خالصة مائة في المائة ، بل إن الأعضاء و الهرمونات الجنسية في كل الجنسين تتداخل ، ويحتفظ الرجل ببقايا أعضاء أنثوية منذ كان جنينا ، وتحتفظ المرأة ببقايا أعضاء ذكرية، و يجري في الجنسين في مختلف مراحل العمر هرمونات مؤنثة ومذكرة.
هذه الحقيقة البيولوجية الفسيولوجية وصفها رائد علم النفس الأشهر “سيجموند فرويد” بالصخرة ،التي تقف عائقا أمام كل تحليلاته التي يهدف من خلالها أن يبرهن على أن الأنثى تتوق لكي تكون ذكرا ، لكن الذكر يرفض أن يكون أنثى ،مما جعلته يتوقف عن هذا الطرح العلمي ، الذي رآه عدد من علماء النفس الذين جاؤوا بعده تحليلا غير صائب، أمثال ماني و هامبسون و روبرت ستولر،الذين وجدوا في بحوثهم أن الطفل الذكر الذي يولد بغير عضو الذكر لا يتشكك في أنه ذكر ، إذا اعتقد والداه أنه ذكر ، وعاملاه على هذا الأساس ، إن غياب هذا العضو من جسمة يسبب له حين يكبر بعض المشاكل الجنسية بلا شك ، ولكنه يعيش ويسلك في الحياة كذكر ، وقد وجد عالم النفس الأمريكي “ستولر” النتيجة نفسها مع الانثى حين يبتر هذا العضو كما في بعض مجتمعاتنا العربية المحافظة، فالانثى لا تتشكك في أنوثتها إذا عوملت بوسط الأسرة على أنها أنثى،وهي تشب وتكبر وتسلك في الحياة كأنثى ، و بالطبع ستواجهها مشاكل جنسية بسبب غياب هذا العضو ،كما حدث في حالة غياب عضو الذكر.
هنا تماماً تتجلى عبقرية المثل الشعبي الشائع في مقطعة الأول (إبنك على ما تربيه .. و جوزك على ما تعوديه)، حيث إن حقيقة كون ابنك سيصبح رجلا مكتمل الرجولة،أو ابنتك أنثى تتجلى فيها صفات الأنوثة يرجع إلى نمط التربية السائد في المنزل وكيف تتعامل مع أبناءك .
هذا الطرح العلمي الذي تبناه عدد لا بأس به من علماء النفس في العصر الحديث والذي تؤكدة أمثالنا الشعبية ،كان الفيلسوف اليوناني الشهير أفلاطون قد سبق إلى الوصول إليه منذ ألفي سنه تقريباً ، عندما تحدث عن التربية في المدينة الفاضلة، وجعل الرياضة و الموسيقى أداتين مهمتين في التربية ، بإمكانهما أن يؤثرا تأثير عميقا على ميول الأطفال الذكورية والانثوية ، فيؤكد على أهمية أن يتعلم الاولاد الرياضيون الموسيقى ، حتى تتهذب روحهم ولا يفرطو في الخشونة التي هي طبيعة ذكورية ، ويمكن أن تؤدي بهم إلى رجال همجين من فرط الخشونة ، وكذلك أهمية أن يتعلم الاولاد الذين يدرسون الموسيقى حتى لا يميلون إلى النعومة .
أعي تمام ما كان يهدف له أفلاطون بأن يخلق شخصية متوازنة تحافظ على طبيعة خصائصها الأصلية، فيبقى الذكر ذكرا ، و تبقى الأنثى أنثى وإن هذا مرجعه إلى التربية.

 

 

هاجر السليم

عن فريق التحرير