الرئيسية / محليات / ثقة المستهلك بالكويت ما زالت عند أعلى مستوياتها منذ سنتين

ثقة المستهلك بالكويت ما زالت عند أعلى مستوياتها منذ سنتين

من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس»، حيث يعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم لأوضاعهم المالية.

ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات، حيث يتم إجراؤه بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.

وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي»، ويتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين.

أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر نوفمبر 2021 بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية لكزس، حيث سجل المؤشر العام لثقة المستهلك في الكويت لشهر نوفمبر معدلا بلغ 105 نقاط متراجعا خمس نقاط مقارنة بشهر أكتوبر ومتقدما بخمس نقاط على أساس سنوي.

وبالرغم من الانخفاض الشهري للمعدل، فإنه لم يزل يمثل أحد المراكز الأعلى في مستوى المعدلات منذ ما يزيد على سنتين، وذلك رغم تأثره بجملة من العوامل المتباينة، أولها أن المعدل المسجل في أكتوبر المنصرم سجل رقما قياسيا في الارتفاع منذ سنوات وبذلك فإن التراجع بواقع خمس نقاط يعتبر تصحيحا منطقيا عاكسا لمستوى ثقة المستهلكين، وثانيها التأثير السلبي للقلق المنتشر في معظم القارات من ظهور المتحور الجديد «أوميكرون» وإمكانية تأثيره على النمو الاقتصادي الحالي.

أما ثالث هذه العوامل فهي الانخفاض النسبي لأسعار النفط تحت وطأة انتشار الوباء وفي مواجهة سياسة الولايات المتحدة الساعية لتخفيض الأسعار بالاعتماد على استعمال الاحتياط الاستراتيجي لديها ولدى بعض حلفائها، مع التخوف من السلبيات التي فرضتها نسبة التضخم النقدي العالي في الولايات المتحدة والدول الأوروبية.

وفي مواجهة هذه العوامل، تسلحت ثقة المستهلك في الكويت مستندة إلى الانطلاقة الاقتصادية في العديد من القطاعات المالية والاقتصادية وعودة العافية للاقتصاد الكويتي، علما أن تصنيف وكالة موديز الأخير تضمن موقفا ايجابيا في ما يخص السياسة النقدية التي يشرف عليها بنك الكويت المركزي بالتعاون مع القطاع المصرفي، مع لفت نظر الحكومة إلى ضرورة تطوير السياسة المالية وتقوية وتنويع البنية الاقتصادية للمحافظة على التصنيف المرتفع الذي تتمتع به الكويت.

وضمن هذه الأجواء، استقر معدل المواطنين على مستواه السابق 96 نقطة، بينما منح المقيمون العرب معدلا بلغ 110 نقاط بتراجع 8 نقاط خلال شهر، وإن كان هناك تفاوت بين الذكور والإناث بحيث سجل الذكور معدلا بلغ 115 نقطة بتراجع 4 نقاط بينما اكتفت الإناث بمعدل 91 نقطة متراجعا 4 نقاط ايضا.

على صعيد المناطق، احتلت محافظة مبارك الكبير مركزا متقدما بإضافة 20 نقطة على رصيدها، بينما انخفض المعدل في محافظة حولي 15 نقطة والعاصمة خمس نقاط، على الرغم من التراجع بقي معدل ثقة المستهلك لشهر نوفمبر محافظا على مستوى مرتفع.

انخفاض المؤشر الاقتصادي

سجل مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي 94 نقطة متخلفا نقطتين مقارنة بمعدل أكتوبر الماضي، ومع ذلك لم يزل يحتل المركز الثاني من أغسطس 2020 الذي تساوى معه في النقاط، وتظهر بعض العوامل الضاغطة على ثقة المستهلك، منها تداعيات العجز المالي القياسي للموازنة في السنة المالية 2021/2020 التي حصلت نتيجة النفقات الاجتماعية والصحية الباهظة المتعلقة بانتشار الوباء آنذاك في معظم الدول في العالم، وما تأتى منه من انكماش جزئي أو كلي لمختلف القطاعات الاقتصادية، بالإضافة الى بعض القلق الذي فرضه، في الفترة الأخيرة، انتشار المتحور الوبائي الجديد.

هذان العاملان الرئيسيان لم يغيّبا الجوانب الإيجابية الحالية للوضع الاقتصادي في الكويت ومن عناوينها، عدم معاناة الكويت من ارتفاع خطر في مستوى التضخم النقدي الذي يتوقع أن لا يتجاوز نسبة 3.1 الى 3.5% مقارنة بـ 1.5% كمعدل عام للسنوات السابقة، علما بأن هذا الارتفاع لا يشكل خطرا على القيمة الشرائية للدينار الذي يحافظ على قدرته التبادلية، خاصة أن نسب التضخم هذه السنة ارتفعت بمستويات ضاغطة في الدول المتطورة اقتصاديا كالولايات المتحدة والدول الأوروبية، فضلا عن ظاهرة التضخم المتفلت في العديد من الدول النامية.

وبالإضافة الى المحافظة النسبية للقدرة الشرائية، تأتي المكاسب التي حققتها البورصة الكويتية والارتفاع في مستوى أرباح المصارف، وكذلك ارتفاع نمو العديد من القطاعات الاقتصادية بما فيها القطاع العقاري وقطاع النقل الجوي، وفي ظل هذه الأجواء منح المواطنون لثقة المستهلك معدلا بلغ 83 نقطة بخسارة أربع نقاط من رصيده السابق، بينما عزز المقيمون العرب رصيدهم بنقطتين.

تراجع الثقة بالعاصمة

لفت المؤشر إلى تراجع ملحوظ لمعدلات الثقة في العاصمة لمؤشر الوضع الاقتصادي الحالي الذي تراجع 20 نقطة بالإضافة الى تسجيل تراجعات أخرى في بعض المؤشرات.

وتوقف معدل مؤشر الأوضاع الاقتصادية المتوقع مستقبلا عنده 103 نقاط، متراجعا 11 نقطة عن رصيده الشهري السابق، و11 نقطة ايضا على أساس سنوي، كما أن اللافت في معطيات البحث أن 20 مكونا من أصل 26 التي تشكل مجموع المستطلعين أبدوا تحفظهم وعدم رضاهم بالنسبة للوضع الاقتصادي المرتقب مستقبلا.

إن ظاهرة تراجع ثقة المستهلكين لهذا المؤشر لا تبرره الوقائع المالية والاقتصادية، فإن أكثرية القطاعات الاقتصادية انتعشت وبعضها سجل نموا قارب وتجاوز حجم النمو المحقق قبل انتشار الوباء، كما أن معظم الشركات والمصارف فضلا عن البورصة حققت أرباحا بنسب عالية.

يعتقد محللو شركة آراء أن تراجع الثقة بالمستقبل ناتج بالدرجة الأولى عن مخاطر والمخاوف للمتحور الجديد للوباء «أوميكرون».

هذا المناخ قد يكون السبب الأول لتراجع ثقة المستهلك، حيث سجل الشباب 18- 35 عاما، معدلا للمؤشر بواقع 100 نقطة بتراجع 14 نقطة، كما انخفض معدل الفئة الأكبر من 55 سنة 16 نقطة، وتراجع معدل المواطنين 8 نقاط والمقيمون العرب 10 نقاط.

أما على صعيد المناطق، فقد انخفض معدل محافظة حولي 18 نقطة والاحمدي 15 نقطة، والفروانية 14 نقطة خلال شهر، كذلك عبرت بعض مكونات الموظفين والعمال ذوي الدراسات الاقل من المتوسطة عن عدم ثقتهم بالتوقعات الاقتصادية بانخفاض يتراوح بين 9 و31 نقطة مقارنة بشهر أكتوبر 2020.

الثروة النفطية ومستوى الدخل

أكدت مؤسسة موديز للتصنيف العالمي أن ثروة الكويت النفطية تدعم الدخل الفردي وتحافظ على مستوياته، حيث برزت ضمن معطيات البحث بعد أن ارتفع معدل مؤشر الدخل الفردي المتوقع مستقبلا بنقطتين، وهو المؤشر الوحيد لشهر نوفمبر الذي سجل بعض التقدم خلافا لمؤشرات الدراسة الخمسة الباقية، أما الدخل الفردي الحالي فقد اكتفى بـ 92 نقطة متراجعا 6 نقاط خلال شهر.

ويمكن ربط هذا التراجع مع مؤشر فرص العمل المتوافرة في السوق حاليا الذي تراجع بنسبة عالية ايضا (18 نقطة خلال شهر)، علما بأن أسباب تراجع معدل مؤشر الدخل ناتج على الارجح الى إشباع سوق العمل حاجته من العمالة الوافدة خلال الاشهر الاخيرة، فتقلص الطلب وارتفع عرض العمالة وبرز ذلك بشكل واضح على مستوى الدخل الفردي عامة ومداخيل العمالة البسيطة خاصة.

ضمن هذه الظروف عبرت المحافظات عن قناعاتها بالدخل الفردي الحالي والمتوقع حيث سجلت محافظة مبارك الكبير 112 نقطة معززة رصيدها الشهري السابق 38 نقطة، كما أضافت العاصمة 20 نقطة، من جهة أخرى تراجع معدل محافظة حولي 37 نقطة، حيث نتج هذا التباين في بعض الأرقام عن طبيعة المرحلة الحالية التي تتسم بالانتقالية بالتغلب على الوباء وإعادة النمو الاقتصادي والمالي الى طبيعته، لذا تبرز تباينات بين مكونات البحث نظرا لطبيعة القطاعات الاقتصادية السائدة وتنوع المهن، وميادين العمل المحكومة بحركة الأسواق والمسار العام للاقتصاد.

تراجع حاد لمؤشر فرص العمل

سجل معدل مؤشر فرص العمل المتوافرة في السوق حاليا 163 نقطة متخلفا 18 نقطة خلال شهر ومرتفعا 60 نقطة مقارنة بنوفمبر 2020، ما طرح تساؤلات حول أسباب انخفاض الطلب في سوق العمل مقابل ارتفاع وتيرة الحركة الاقتصادية وتسجيل النمو الملحوظ في مختلف القطاعات؟

وعلى ما يبدو فإن سوق العمل يتعرض لجملة من العوامل ومنها:

1 – مغادرة قسم كبير من العمالة الوافدة في 2020، خاصة العاملين في قطاعات تعرضت للانكماش الاقتصادي او الإغلاق الكلي كقطاع النقل الجوي والبناء.

2 – سقوط حق الاقامة لعدد من العمالة الوافدة.

3 – العودة العفوية لقسم كبير منهم، دون الأخذ بعين الاعتبار حاجات سوق العمل أو المؤهلات العلمية والخبرات المهنية اللازمة ما أدى إلى حالة إشباع في سوق العمل وتوازن بين العرض والطلب بشكل عام.

هذا الواقع يقدم فرصة مهمة لاتخاذ التدابير اللازمة وتشريع الأنظمة الضرورية لتنظيم سوق العمل، من حيث إيلاء الأولوية لرفع نسبة الكويتيين في القطاعين الخاص والعام وضمان مؤهلات العمالة الوافدة بما يتلاءم مع حاجات السوق ورفع مستوى النمو.

وتراجع معدل مؤشر فرص العمل في أوساط معظم مكونات البحث، فعلى سبيل المثال انخفض المعدل لدى الشباب 18 – 35 سنة 33 نقطة، وعند الفئة العمرية التي تزيد على 55 سنة 54 نقطة، وبين المقيمين العرب 59 نقطة، وفي المناطق انخفض معدل محافظة حولي 44 نقطة والفروانية 42 نقطة والعاصمة 36 نقطة.

عن فريق التحرير