الرئيسية / عربي وعالمي / الخطاب المثير للانقسام في حملة مودي الانتخابية يثير تساؤلات حول فرص الحزب في الفوز

الخطاب المثير للانقسام في حملة مودي الانتخابية يثير تساؤلات حول فرص الحزب في الفوز

كان من المتوقع أن يضع رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، العقد الذي قضاه في منصبه للاستفتاء، وذلك في الفترة التي سبقت الانتخابات العامة في البلاد.

وكان من المتوقع أن يتباهى بإنجازات مثل برامج الرعاية الاجتماعية السخية ورحلات الفضاء. وكان عليه أن يؤكد من جديد أن معبد رام الجديد في أيوديا يمثل تأكيدا ثقافيًا للأغلبية الهندوسية في الهند. وحتى السياسة الخارجية كان من المتوقع أن تؤثر على الاقتراع، خصوصا مع الدعم الدعائي الذي وفرته استضافة مودي لقمة مجموعة العشرين في سبتمبر الماضي. وقد توقعت استطلاعات الرأي أن يحقق فوزا ساحقا ثالثا يعادل رقما قياسيا لحزبه الحاكم بهاراتيا جاناتا.

لكن في وقت مبكر من الانتخابات المرهقة التي تستمر ستة أسابيع، غيرت حملة مودي مسارها، مستخدمة خطابا مثيرا للانقسام أثار تساؤلات حول تكتيكاته. لقد اتهم المعارضة، بقيادة حزب المؤتمر، باسترضاء الأقلية المسلمة.

ويشكل المسلمون 14 % من سكان الهند البالغ عددهم أكثر من 1.4 مليار نسمة. واستلهاما من حملة مودي، أدت منشورات حزب بهاراتيا جاناتا على وسائل التواصل الاجتماعي، وفقا للمعارضة، إلى “شيطنة” المسلمين.

وقال أمام حشد في 21 أبريل الماضي إن حزب المؤتمر المعارض يريد توزيع الثروة على “المتسللين” و”أولئك الذين لديهم الكثير من الأطفال”. واعتبرت تصريحاته على نطاق واسع أنها تشير إلى المسلمين.

وفي تجمع آخر، حذر النساء من أن المعارضة ستصادر ذهبهن وتعيد توزيعه على المسلمين. واتهم حزب المؤتمر بتنظيم ما سماه “جهاد التصويت” وحث “مجتمعا معينا” على الاتحاد ضده. بل إن مودي قال إن الحزب سيختار أعضاء فريق الكريكيت الهندي “على أساس الدين”.

 مسلمو الهند

Getty Images
يشكل مسلمو الهند البالغ عددهم 200 مليون نسمة 14 في المئة من سكان البلاد

وهذا طبعا ليس كل شئ. ففي مقابلة أجريت معه مؤخرا، قال مودي إن “العالم كله” يحاول التأثير على الانتخابات. وهذا الأسبوع، ألقى باللوم على حزب المؤتمر لتلقيه “شاحنات” أموال من المليارديرين موكيش أمباني وجوتام أداني. ولطالما تحدث زعيم حزب المؤتمر، راهول غاندي، عن العلاقة الوثيقة التي تربط مودي بالمليارديرين الذين يعدا أغنى رجلين في البلاد.

ورد غاندي في رسالة فيديو على اتهامات مودي بالقول “لأول مرة تتحدث علنا عن أداني وأمباني. هل هذا من واقع تجربتك الشخصية أنك تعلم أنهما يقدمان المال في الشاحنات؟”. ولم يرد أو يعلق أي من رجلي الأعمال على هذه الحرب الكلامية التي وجدا نفسيهما في منتصفها.

كما اتهمت المعارضة الهندية مودي بكراهية الإسلام، ووصفت تصريحاته بأنها “خطاب كراهية مثير للانقسام”. وطالب حزب المؤتمر بإجراء تحقيق في انتهاك محتمل لقواعد السلوك. ومنذ صعود حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة، تزايدت خطابات الكراهية ضد مسلمي الهند البالغ عددهم 200 مليون نسمة. لكن خطاب مودي الناري فاجأ الكثيرين، حيث توقعوا التركيز على تسليط الضوء على إنجازاته بدلا من ذلك.

يقول راهول فيرما من مركز أبحاث السياسات سي بي آر (CPR )، وهو مركز أبحاث يقع في دلهي: “لكي أكون صادقا، اعتقدت أن حملة مودي ستركز أكثر بكثير على قصة الهند الصاعدة، وما فعلوه من أجل الشعب”.

ويقول آخرون إن تصريحات مودي ليست غير مسبوقة. ويشيرون إلى العديد من هذه الأمثلة خلال حملاته الانتخابية السابقة، بما في ذلك ما يسمونه “خطابه التحريضي” بعد أعمال الشغب التي شهدتها ولاية غوجارات في عام 2002 قبل انتخابات مجلس الولاية. يقول ميلان فايشناف من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن: “لذلك، لم يفاجئني الأمر، لكنه صدمني. كثيرا ما نشير إلى مثل هذا الخطاب على أنه صفير الكلاب، لكن لم يكن هناك أي شيء دقيق في اللغة المستخدمة”.

شهدت نسبة إقبال الناخبين تراجعا كبيرا في المراحل الأولى من الانتخابات

AFP
شهدت نسبة إقبال الناخبين تراجعا كبيرا في المراحل الأولى من الانتخابات

أولا، وعلى سبيل المثال، يقول الكثيرون إن حزب بهاراتيا جاناتا ربما شعر بالفزع من الانخفاض الكبير في نسبة المشاركة في الجولات الأولى من التصويت وسط انتخابات اتسمت بطاقة منخفضة إلى حد ما. في الانتخابات السابقة التي فاز بها حزب بهاراتيا جاناتا بشكل حاسم، استفاد الحزب من نسبة الإقبال العالية – فقد كان عام 2014 إلى حد كبير تصويتا ضد حزب المؤتمر، فيما كان عام 2019 تصويتا لصالح مودي.

ثانياً، تحاول المعارضة إعادة تشكيل سرد انتخابات عام 2024، وتحويل التركيز من كونها مجرد استفتاء على شعبية مودي إلى حملات انتخابية حول قضايا مهمة مثل البطالة والعدالة الاجتماعية وعدم المساواة الاقتصادية.

يشير عالم السياسة، نيلانجان سيركار، إلى أن حزب بهاراتيا جاناتا يتفوق في الانتخابات الوطنية عندما يركز على القضايا الوطنية الشاملة. وقال في أحد البرامج الإذاعية مؤخرا إن الحزب “لا يلعب لعبته القوية” عندما تصبح الانتخابات أكثر إقليمية، وتتدخل العوامل المحلية.

ويستهدف حزب مودي الحصول على 370 مقعدا هذه المرة، أكث من مقاعده الـ(303) في عام 2019. ومع ذلك، فإن شعارهم الحاشد باللغة المحلية “أبكي بار، 400 بار” والذي يعني (هذه المرة، أكثر من 400 مقعد)، والذي يهدف إلى حصول الحزب وحلفائه على فوز ساحق، لربما كانت له نتائج عكسية. ويبدو أن المعارضة استغلت هذا الشعار، فصورت حزب بهاراتيا جاناتا باعتباره قوة مهيمنة عازمة على إعادة تشكيل الهند بأغلبية ساحقة.

تشير استطلاعات ما قبل الاقتراع إلى أن “المعارضة تستخدم هذا الشعار لتقول إنها إذا جاءت بمثل هذه الأغلبية الضخمة، فإن حزب بهاراتيا جاناتا سيغير الدستور. وربما يكون خطاب المعارضة لتمكين الفقراء والطبقات الدنيا قد اكتسب بعض الاهتمام نظرا لوجود مستويات عالية من القلق الاقتصادي الواضح في البلاد. و يقول راهول فيرما ” ربما يكون هذا قد دفع مودي إلى التعامل مع هذه الرواية بشكل مباشر وإضفاء لمسة هندوسية إسلامية عليها”.

راهول غاندي رئيس حزب المؤتمر

Getty Images
قاد راهول غاندي رئيس حزب المؤتمر الانتقادات الصريحة لتصريحات مودي

هل يعتبر خطاب مودي المثير للانقسام علامة على اليأس؟

ليس حقا، يقول فايشناف. “بالنسبة لي، تم تصميمه لتعبئة كوادره وربما للتعويض عن الأداء المخيب للحزب في المراحل القليلة الأولى.

ويضيف “يشير اليأس إلى أن حزب بهاراتيا جاناتا يخسر، وأنا لا أعتقد أن هذا هو الحال. سيكون تحقيق الهدف الجديد المتمثل في 400 مقعد أمرا صعبا ما لم يتمكن حزب بهاراتيا جاناتا من الاحتفاظ بمقاعده التي فاز بها من عام 2019 بالإضافة إلى التوسع في مناطق جديدة”.

وعلى الرغم من خطاب مودي المزعج، إلا أنه غنى نغمة مختلفة في المقابلات الأخيرة مع شبكات الأخبار.

وقال لصحيفة تايمز ناو: “أنا لست معادياً للإسلام، ولست معادياً للمسلمين”.

عن فريق التحرير